يعرف سوق السيارات المستعملة في الجزائر منذ أشهر حالة جمود غير مسبوقة، فلا بيع ولا شراء، والكل يترقب. السبب الرئيسي وراء ذلك هو بروز ظاهرة الوسطاء الذين فتحوا خطوطًا مباشرة مع المصانع الصينية وصاروا يجلبون سيارات جديدة بكميات معتبرة ويوزعونها عبر مختلف الولايات. هذه الفئة من الوسطاء لم تعد مجرد حل ثانوي بل أصبحت هي المصدر الأبرز للحصول على سيارات جديدة في ظل غياب عرض متنوع من الوكلاء الرسميين.
الكثير من المواطنين الذين كانوا في السابق يعتمدون على سوق السيارات المستعملة وجدوا أن الأسعار فيه لم تعد منطقية، خاصة مع تدهور حالة أغلب المركبات المعروضة وقدمها. ومع ارتفاع الطلب وتقلص العرض ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير معقولة، حتى أن بعض السيارات المستعملة تجاوز سعرها ثمن سيارات جديدة صينية تأتي عبر هؤلاء الوسطاء. أمام هذا الواقع، فضّل المشترون التوجه مباشرة إلى السيارات الصينية الجديدة التي وإن كانت مرتفعة السعر إلا أنها تمثل استثمارًا أفضل من سيارة مستعملة مليئة بالمشاكل الميكانيكية
هذا التحول المفاجئ أحدث شللاً شبه كامل في أسواق السيارات المستعملة عبر مختلف ولايات الجزائر. البائع لم يعد يجد من يشتري سيارته القديمة، والمشتري لم يعد يثق في جدوى اقتناء مركبة مستعملة بأسعار متضخمة. النتيجة أن الأسواق الشعبية التي كانت تعج بالزوار والسيارات باتت شبه فارغة، والتعاملات التجارية تراجعت إلى حدودها الدنيا.
من جهة أخرى، عزز الوسطاء الصينيون موقعهم بسرعة، إذ لا يكاد يمر أسبوع حتى تصل دفعات جديدة من السيارات التي توزع في المدن الكبرى ثم تنتقل إلى باقي الولايات. هؤلاء الوسطاء باتوا يشكلون شبكة منظمة تستقطب المشترين وتوفر لهم بدائل جاهزة مع عروض دفع متنوعة، في حين أن السوق المستعملة فقدت جاذبيتها تمامًا. هذا الواقع يطرح عدة تساؤلات حول مستقبل قطاع السيارات في الجزائر. فإذا استمر الاعتماد الكلي على وسطاء الصين، فإن السوق المحلية ستظل رهينة أسعارهم وشروطهم. أما سوق المستعمل، فقد يحتاج إلى سنوات طويلة ليستعيد توازنه، خاصة أن ثقة المستهلك اهتزت بشكل كبير. Independent Arabia
الحلول الممكنة
- فتح المجال بشكل أوسع أمام الوكلاء الرسميين لتوفير سيارات جديدة بأسعار تنافسية.
- إعادة تنظيم سوق السيارات المستعملة ووضع آليات لمراقبة الأسعار وحماية المستهلك.
- تشجيع الاستثمار المحلي في التركيب أو التصنيع لتقليل التبعية الكاملة للاستيراد.
- تقديم قروض ميسّرة أو تسهيلات بنكية للمواطنين لاقتناء سيارات جديدة بدل الاعتماد على السوق السوداء.العربي الجديد
بهذا الشكل أصبح الوسطاء الصينيون هم اللاعب الأبرز في سوق السيارات الجزائرية، وأدى ذلك إلى تجميد شبه كامل للسيارات المستعملة. ورغم أن الظاهرة تمثل متنفسًا للمشترين الذين يبحثون عن الجديد، إلا أنها في الوقت نفسه تكشف هشاشة السوق الداخلية وحاجتها إلى إصلاحات جذرية.

قسم التحرير
فريق متخصص في عالم السيارات وكل ما يتعلق بها من أخبار محلية وعالمية
تعليقات
إرسال تعليق